تونس الخضراء ... بثورة خضراء تفرض رأيها !!


بداية الحكاية ومجريات الأحداث

بدأت منذ شهر تقريبًا ، في عدة مدن تنظمها نقابات عمالية والشباب التونسي المتألمين من الوضع المستبد لحقوقهم وحرياتهم ، بدأً بسيدي بوزيد و انتهاءً بانتصار عظيم ، حطّم كل الإعتقادات بفكرة  أن الشعوب العربية نائمة و خامدة ، ولا تستطيع أن ترد حقوقها وتسوي الامور إلى جادة الصواب على رغبتها هي ، ثلاثة وعشرون عاما من الحكم المستبد لزين العابدين بن علي ، كان أثره الأليم في حياة شعب ما فتئ يضمّد جراح الإستعمار حتى ذاق عذاب الاستبداد وقمع الحريات ، وأخذ يبحث عن كسرة الخبز باحتجاجات سلمية طالما انتهت بصدامات بين رجال الأمن والمحتجين وغالباً ما تكون النتيجة  سقوط متظاهرين أبرياء برصاص جندي الأمن المدجج بالسلاح والدروع . لقد سطًر الشعب التونسي أروع الامثال في تغيير الواقع وقلب المعادلة لصالحهم ، واثبت للعالم بأسره انهم ينتصرون متى أرادوا ، صدق الشاعر ابو القاسم الشابي عندما قال :
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ... ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر
نعم إنهم أهل تونس ، حطموا القيود ، وطبقوا حكمتك يا أبا القاسم ،  فعلى الشعوب العربية الأخرى أن تتخذهم مثلا أعلى ان تحذوا حذوهم .

الإعلام  ودوره

لا يخفى على أحد دور الإعلام في نشر وقائع هذه الإحتجاجات ، رغم الرقابة الشديدة والسلطة الخانقة على الإعلام الحر ، إلا أن الصورة الحقيقية وصلت للعالم بطريقة أو بأخرى ، فلم يقصر المخترقون التونسيون اختراق المواقع التفاعلية الحساسة التي حجبت عن الجميع ، فأوصلوا الحقيقة للعالم بمقاطع صوّرت بهواتف محمولة ، قد تكون أداة بسيطة إلا أنها قلبت الموازين واوصلت رسالتها وقلب تونس النابض . مما لاحظته .. أن القناة التونسية كانت قبل زوال الرئيس تدعم قوى الأمن وتغطي على الفضائع التي ارتكبوها وتارة تعرض أفلاما وثائقية لا علاقة لها بالواقع التونسي وكأن شيئًا لم يحصل في البلاد ، وفي ليلة وضحاها تنقلب اتجاهاتها رأسا على عقب وتصبح قناة وطنية بامتياز ومع المحتجين ، وكأنها خرجت من جوف زجاجة مفرغة ومقفلة لزمن طويل ومن ثم انفجرت من الضغط. وهنا أود أن أشكر كل القنوات والصحف التي نقلت الوقائع بشفافية وخاصة قناة الجزيرة التي كان لها السبق في متابعة المجريات .

فرار المغضوب عليهم

كانت أوقاتا حاسمة ، وكان الشعب التونسي ينتظر نبأً عاجلا ، سيعرض في معمعة الإضطرابات ، وفجأة يتقدم الوزير الأول محمد الغنوشي ، ويعلن توليه مهام الرئيس بصفة وقتية ، ولكن لن تكون وقتية لأن حكمه قد زال وها هو بن علي الآن في ضيافة الديوان الملكي السعودي ، ويعلن العالم بأسره أنه  يحترم رغبة الشعب التونسي ويدعمه لتهدئة الأوضاع . نفس السيناريو الحالي قد حصل لشاه ايران في السابق ولم يستقبله حلفائه الأمريكيون ، وأيضًا هنا في هذا الموقف لم تقف فرنسا مع بن علي ورفضت استقباله حتى !!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

منار المجد

فاشل في الحب

حرف حب ضائع